شاكر العبسي للموقع

السيرة الذاتية لشاكر العبسي

شاكر العبسي الإيديولوجية والفناء

مؤسس وقائد تنظيم فتح الإسلام؛ شاكر يوسف حسن العبسي الملقب بـ “أبو حسين”، و”أبو يوسف الحجي”، و”أبو يوسف الفلسطيني”، وفي العراق يطلقون عليه الشيخ الطيار.

ولد شاكر العبسي في فلسطين في منطقة عين السلطان في مدينة أريحا بالقرب من مدينة القدس، يوم 18 نيسان/أبريل 1955، من أب فلسطيني اسمه يوسف وأم فلسطينية اسمها فاطمة، هاجرت عائلته من قرية الدوايمة قضاء الخليل، والتي ينحدر منها شاكر عام 48 إلى أريحا، ثم نزحوا مرة أخرى عام 67 إلى الأردن وأقاموا في مخيم الوحدات للاجئين الفلسطينيين في عمان.

ترتيب شاكر بين إخوته الابن الخامس، وبالنسبة لدراسة إخوته فأخوه الأكبر شكري درس هندسة الطيران المدني في جامعة القاهرة، وكان يعمل مدير سلامة الطيران في مطار الملكة علياء، وتوفي في عام 2003، وأخوه الثاني أحمد درس ميكانيكا الطيران في بريطانيا، وكان يعمل في ليبيا في القوات الجوية أيضًا، وأخوه الثالث عبد الرزاق درس الطب في كوبا واختص بجراحة العظام، وهو يعمل ويقيم في الأردن.

درس العبسي في مدارس عَمّان في مدارس الأونروا في مخيم الوحدات، وتخرج من ثانوية العاصمة في عمان.

كان شاكر العبسي يتصف بالحلم الشديد وهي أبرز صفاته، كان هادئًا جدًّا مع عائلته ومحيطه، يتعامل مع زوجته وأبنائه بكل هدوء وتفهُّم، وكان إذا أراد أن يقنعهم بأمرٍ ما لا يستخدم إلا أسلوب الحوار وإثبات حجته بكل هدوء، وتذكر زوجته أنها مكثت معه 28 سنة لم يسمعها خلالها أي كلمة نابية، ولم يعاملها إلا بكل لين وإحسان، ولم يكن حتى يرفع صوته عليها أبدًا فكان إذا غضب ﻷمرٍ ما يخرج من البيت أو يذهب لينام لكي يطفئ غضبه دون أن يتصرف بأي عنف لا قولًا ولا فعلًا.

كان حنونًا رحيمًا بأهل بيته وكل من عرفه، وكان أيضًا قليل الكلام فلا يتكلم أبدًا بسفاسف الأمور، وفي ذات الوقت كان كلامه لطيفًا جدًّا، وعندما يجلس مع أبنائه يعلمهم تارة ويمازحهم تارة، ويوصيهم دائمًا بالتمسك بالأخلاق الحميدة، والابتعاد عن كل ما يؤذي الناس من قول أو فعل، وكان عندما يحضر هدايا لأبنائه يحضر ذاتها لأبناء إخوانه وأخواته.

وتقول العائلة كان كثير الصدقة والإحسان على الناس، وقد عرفنا ذلك عندما اعتقل، فكان يطرق باب بيتنا الكثير من الفقراء ويسألوننا: ماذا حصل للشيخ فهو لم يزرنا منذ فترة طويلة؟ ونحن لم نكن نعرف عن هؤلاء شيء ونسألهم: من أنتم؟ فيخبروننا أن الشيخ كان يتكفلهم بالمصروف ويتفقدهم باستمرار، وكان يعطي أهله الأموال دون أن يحاسب أو يسأل، وتذكر زوجته أنه لم يسألها في حياته: أين صرفت الأموال؟ أو أين ذهبت بها؟

كان يتمسك بالقرآن والسنة، فقد حفظ القرآن كاملًا خلال سنتين، وكان شديد التمسك بالسنن، وكان يقوم الليل بالساعات في كل يوم، ولم يشرب الدخان ولا الخمر أبدًا في حياته حتى قبل التزامه، كان توجهه منذ صغره إلى الجانب العسكري، ولم تكن أبدًا تلفته مغريات الحياة.

في حركة فتح

بدأت قصة شاكر العبسي مع حمل السلاح عندما كان في الخامسة عشر من عمره؛ حيث شارك مع حركة فتح في حرب الـ 70 بين منظمة التحرير الفلسطينية والجيش الأردني في الأردن عام 1970؛ حيث كانت بداية التحاقه بالتنظيمات الفلسطينية.

st-2-149773
شاكر العبسي عندما كان طيارا يخدم في ليبيا على طائرة ميغ في يوغسلافيا السابقة

فقد كان لا يكاد يسمع بحرب شاركت بها منظمة التحرير الفلسطينية إلا ويسارع في المشاركة، بعد ذلك شارك في حرب تشرين عام 1973؛ حيث تمركز هو ورفاقه من الثوار الفلسطينيين في مواقع في جبل الشيخ.

ابتعث شاكر العبسي لدراسة الطب في تونس عندما أنهى دراسة الثانوية العامة في الأردن عام 1973 من قبل حركة فتح التي كان قد انضم إليها.

والتحق بالجامعة ودرس سنة كاملة، وفي عام 1976 جاءته منحة لدراسة الطيران في ليبيا، فترك دراسة الطب وعاد إلى الأردن ليكمل إجراءات البعثة، وإلى حين انتظاره لصدورها ذهب إلى جنوب لبنان ليقاتل في الجبهة المشتعلة مع إسرائيل.

وكانت الطائرات الإسرائيلية تقصف مواقعهم بكثافة مما يجبرهم ذلك على الانسحاب رغم مقاومتهم الشرسة، وكانوا يقولون: لولا تفوق العدو بالقوة الجوية لهزمناهم بسرعة، فزادت شدة إصراره على دراسة الطيران الحربي منذ تلك اللحظة التي شعر فيها بقهر حمم الطائرات الإسرائيلية.

وكانت أمنيته أن يصبح طيارًا مقاتلًا ينضم لأحد الجيوش العربية ويقاتل إسرائيل بالمثل، فكان ذلك حلمه الذي لم يتحقق وخانت أمانيه كل الجيوش العربية.

ليبيا ومحطة الطيران الأولى

عندما انتهت إجراءات البعثة سارع بالسفر إلى ليبيا في عام 1976 في كلية مصراته الجوية، وتخرج منها في عام 76 برتبة ملازم ثاني، وحصل على بكالوريوس علوم عسكرية بدرجة طيار مقاتل، وخلال فترة دراسته سافر إلى جنوب لبنان عدة مرات ليشارك في جبهات القتال المشتعلة مع منظمة التحرير الفلسطينية، كان أبرزها مشاركته في حرب المخيمات التي اندلعت بين حزب الكتائب اللبناني ومنظمة التحرير الفلسطينية.

بعد تخرجه التحق بدورة مدرب طيار، وكان يعمل في نفس الكلية التي تخرج منها كمدرب طيار للطائرات الحربية، وتزوج حينها في نفس العام 1979، وبقي قرابة الخمسة أشهر يعمل لدى الكلية كمدرب، وبعدها حصل خلاف بين ليبيا وحركة فتح فاستقال وعاد إلى سوريا، ومكث عدة أشهر ليحصل على بعثة مجددًا من منظمة التحرير الفلسطينية لدراسة دورة على طائرة ميغ 24 في يوغسلافيا السابقة، وبقي هناك سنة كاملة إلى أن أتم الدورة، وحينها كان الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 82، والذي أدى إلى خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، فسارع بالخروج هو وعائلته إلى سوريا أبقى عائلته في دمشق وذهب إلى بيروت، ولكنه كان قد وصل متأخرًا، فقد حوصرت بالكامل فتمركز هو ورفاقه الذين جاؤوا معه في موقع لهم في جبل بحمدون وخاضوا اشتباكات مع القوات الإسرائيلية حيث توقف القتال بعد إجراء اتفاق يقضي بخروج القوات الفلسطينية المسلحة من لبنان إلى دول عربية.

اليمن والقوات الجوية

اختار شاكر العبسي الرحيل إلى اليمن حيث توزع جميع المقاتلين المنسحبين من لبنان   في بلدان عربية مختلفة.

وفي أيلول عام1982 التحق شاكر العبسي بالقوة الجوية في الجيش اليمني بأوامر من قيادته في حركة فتح، وكان يقيم في مدينة الحديدة، وفي تلك الأثناء كان ياسر عرفات يلتقي به وبرفاقه لرفع معنوياتهم بعد الانسحاب وخروجهم من لبنان.

بقي سنة كاملة في اليمن وفي شهر أيار عام 83 حصل الانشقاق في حركة فتح بما سموه حركة التصحيح وإنهاء الفساد باسم (فتح الانتفاضة)، وذلك بقيادة أبي خالد العملة وأبي موسى، وكانوا يرسلون أتباعهم سرًّا إلى مختلف البلدان التي يتواجد بها مقاتلو حركة فتح وعندما وصل الخبر لشاكر العبسي قرر الالتحاق بهم، فترك الجيش اليمني في الشهر التاسع 83 وسافر سرًّا هو وزوجته وابنته إلى سوريا للانضمام لحركة فتح الانتفاضة، وذلك دون علم قيادة عرفات.

عند وصوله سوريا وانضمامه لفتح الانتفاضة سارع لتشكيل تنظيم يعمل في داخل فلسطين، وذلك في عام 84، واستلم بنفسه قيادة ذلك التنظيم فكان يمد أعضاء التنظيم في فلسطين بالأسلحة والخطط لعمليات عسكرية داخل فلسطين، وذلك عبر البحر الميت وإيلات أيضًا.

في هذه الفترة تم إرسال الكثير من العروض إليه من قبل فتح عرفات لكي يعود إليهم ويتراجع عن انشقاقه، لدرجة أنهم عرضوا عليه تسلم قيادة القوة الجوية الفلسطينية كاملة، لكنه رفض جميع تلك العروض وأصر على بقائه في المكان الذي يراه مناسبًا له في مقاومة وقتال إسرائيل.

الأردن وتهريب السلاح

st-1-157157
العقيد طيار شاكر العبسي

بقي في عمله في قيادة وإدارة المقاتلين في هذا التنظيم إلى عام 87؛ حيث كشف أمرالتنظيم من قبل السلطات الأردنية، وتم القبض على من كان منهم في الأردن، واعتقل وقتل الكثير من أفراد التنظيم فقضي عليه بالكامل، وكان شاكر العبسي قد أصيب إصابة بالغة في ساقه جراء لغم أرضي انفجر به على الحدود الأردنية، وذلك في بداية عام 85 خلال عملية تهريب السلاح إلى فلسطين بقي على إثرها عدة أشهر طريح الفراش، ومَن نجا من أفراد هذا التنظيم عاد إلى المواقع في دمشق وكان هو من بينهم.

شاكر العبسي الذي حكم عليه بالإعدام في الأردن غيابيًّا، وأيضًا في نفس هذه القضية صدر حكم بالإعدام في الأردن على أبو خالد العملة، الذي كان يدير هذا التنظيم، وأيضا حكم بالإعدام على خبير الألغام في التنظيم المدعو نايف، الذي نفذ فيه حكم الإعدام.

خلال هذه الفترة التي عمل فيها شاكر في قيادة التنظيم كان قد التزم دينيًّا، فصار يلتزم بصلاة المسجد وبدأ بحفظ القرآن، وأتم حفظه بالكامل خلال عامين، وهذا يدحض مقولة من أشاع أنه كان شيوعيًّا وماركسيًّا.

في عام 1987 اشتعلت الحرب بين ليبيا وتشاد في الصراع على منطقة أوزو الحدودية بين البلدين، فذهبت قوة تتبع لمنظمات فلسطينية  للقتال مع الجيش الليبي لدوافع قومية عربية وحسابات سياسية، وقد تم اختيار شاكر العبسي من قبل قيادته في فتح الانتفاضة للمشاركة في هذه الحرب، وعندما وصل شاكر إلى هناك رفض المشاركة في طلعات جوية لقصف المواقع التشادية خوفًا من قتل مسلمين أو أبرياء، واكتفى بالبقاء على المواقع على الأرض، وكان قد التقى هناك برفاقه في القوة الجوية الليبية الذين درس معهم، وأصروا على بقائه، وجاءه طلب من القيادة في تلك القوة بالرجوع للانضمام إليها فقد كان طيارًا متميزًا بالنسبة لهم ومدربًا محترفًا على الطائرات الحربية.

وعاد للعمل في الكلية الجوية بمصراته كمدرب ومقاتل على طائرة ميغ 21، وكان العبسي الطيار الفلسطيني الوحيد في سلاح الجو الليبي الذي تم اختياره كطيار (مقاتل)، وتم منحه بعثة لتدريبه على المقاتلة ميج 23، وتم ترشيحه وتعيينه كمدرب طيار بسبب كفاءته واحترافه الطيران على المقاتلات.

وفي عام 1990 أرسلته القوات المسلحة الليبية لدراسة واتمام دورة بالتدرب على المقاتلة ميغ 23 وذلك في قاعدة بنينا في بنغازي، ومكث في ليبيا في مدينة مصراته، وأقام مع عائلته في سكن الضباط العسكري بجانب القاعدة الجوية التي كان يعمل بها؛ حيث بقي يعمل لدى القوات الجوية المسلحة لمدة 8 سنوات تمتع خلالها بمزايا وعلاوات كبيرة وعيش رغيد، لكنه بعد ذلك رأى أنه في مكان لا يناسب ما سعى إليه من البداية، وما كان هو غايته؛ حيث كان يسعى لتفعيل القتال في فلسطين، فقرر في عام 1995 الرجوع إلى سوريا ولبنان من أجل العمل من أجل القضية الفلسطينية واستمراره في المقاومة التي كانت جزءًا لا يتجزأ من حياته ومسيرته وفكرة، والتي كان يبني عليها أمل في تحرير فلسطين.

عند اتخاذه قرار العودة إلى سوريا قدم استقالته من القوات المسلحة الليبية، وكان حينها برتبة مقدم وعلى وشك أن يترفع إلى رتبة عقيد بعد عام من ذلك الوقت، وقد رُفضت استقالته مرتين وبعد جهود مع القيادة تمت الموافقة عليها، وسافر شاكر برفقة عائلته للإقامة مجددا في منزلهم في دمشق.

العودة لفتح الانتفاضة

عاد شاكر العبسي للعمل في مركزه في منظمة فتح الانتفاضة، وكله أمل بإعادة تحريك سبيل المقاومة الفلسطينية، ولكنه لم يجد في هذه المنظمة أي بارقة؛ حيث كان أفرادها لا يقومون بشيء سوى الجلوس في مكاتبهم الموجودة في سوريا ولبنان دون عمل أي نشاط قتالي ضد إسرائيل، ويكتفون بالخطابات السياسية التي اعتبرها العبسي لا تفي بمتطلبات قتال إسرائيل التي انشق عن حركة فتح بما رأى أن فتح بدأت تتراجع عن العمل العسكري ضد إسرائيل، بل تسير بمشروع سياسي يقوض القضية الفلسطينية وينهي العمل العسكري المقاوم.

حينها قرر العبسي تغيير مساره بالكامل، وتبنى الفكر الاسلامي المقاوم باتخاذ الجهاد في سبيل الله سبيلًا لا بد منه ولا خيار عنه في الوصول إلى مراده المنشود بمقاومة وقتال إسرائيل، وبدأ وقتها بتشكيل مجموعته الصغيرة المكونة من شباب يحملون الفكر الجهادي السلفي وكان هدف المجموعة القيام بعمليات نوعية ضد إسرائيل انطلاقًا من الأراضي السورية واللبنانية والأردنية والمصرية.

وعاد العبسي للعمل في حركة فتح الانتفاضة، ولكنه أصبح يدرك تمامًا أنه لا عمل لها في المقاومة الفلسطينية سوى بعض الهتافات والشعارات، وليس لها أي جانب عملي يسعى حقًّا لهدفها الأساسي الذي قامت من أجله، وهو مقاومة وقتال إسرائيل، فبدأ العبسي ببعض النشاطات على شكل تحرك عملي في خط العمل العسكري ضد إسرائيل بالتعاون مع بعض العناصر؛ حيث ظل يعمل تحت مظلة فتح الانتفاضة للتغطية على نشاطه في العمل العسكري ضد إسرائيل، وكان ذلك بعلم أبو خالد العملة الذي كان يوفر الدعم اللوجستي له في نشاطه طيلة هذه الفترة بسبب العلاقة الوثيقة التي تربط الرجلين.

بعد عودته من ليبيا وتقديم استقالته كطيار حربي لدى الجيش الليبي؛ حيث أقام في سوريا وعمل في مجال التجارة، كان له أصدقاء من تجار مدينة دمشق عمل معهم في تجارة الملابس الجاهزة، وقام بفتح محل لبيعها في منطقة الحجر الأسود بالقرب من منزله كمصدر رزق له ولعائلته، كما قام بشراء سيارة أجرة (تاكسي) وقام بتشغيلها لكي تكون أيضا مصدر رزق مساعد مع عائدات متجر الملابس بسبب أن عائلته الكبيرة وتحتاج إلى مردود يناسبها لتأمين حاجياتها وتوفير حياة كريمة لها.

أما عن المبلغ الذي اشترى به سيارة الأجرة فكان من المكافأة التي حصل عليها من القوة الجوية الليبية عند استقالته منها.

بالإضافة إلى عمله كضابط في منظمة فتح الانتفاضة؛ حيث كان يتردد على مكاتبها في دمشق ولبنان من حين ﻵخر، إلا أن رواتب هذه المنظمة لعناصرها كانت شحيحة جدًّا لا تكفي لمصروف شخص واحد.

بقي العبسي على أعماله هذه إلى حين اعتقاله ودخوله السجن في الشهر العاشر من عام 2002 ، وبعد خروجه من السجن بعد إنهاء محكوميته، وكانت مدتها سنتين، عاد للعمل في مجال التجارة بالإضافة لعودته للعمل في مكاتب فتح الانتفاضة في دمشق ولبنان،  ولكن هذه المرة في تجارة المواد التموينية، وقام بفتح متجر خاص بهذه المواد في منطقة مخيم فلسطين في دمشق، وبقي في عمله هذا إلى حين ملاحقة المخابرات السورية له مرة ثانية بنية اعتقاله، لكنه تمكن من الإفلات من قبضتها والذهاب للإقامة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والاستمرار في عمله مع فتح الانتفاضة.

بعد انقضاء مدة حكم شاكر العبسي في سجون المخابرات السورية التي أصدرتها المحكمة الميدانية والتي لا تتبع لأي سلطة قضائية أو أي قوانين ضمن دستور الدولة، وإنما الحكم يتم فيها مباشرةً من القاضي نفسه بحسب ما يراه دون الرجوع للدستور.

وقضى مدة حكمه متنقلًا بين أفرع التحقيق وسجن صيدنايا العسكري، ثم نقل للفرع 235 والمعروف بفرع فلسطين، وهو أكبر الأفرع الأمنية في دمشق، وذلك لاستكمال إجراءات إخلاء سبيله بعد انقضاء مدة الحكم.

إلا أن العميد حسن خليل رئيس الفرع آنذاك لم يوافق على إخلاء سبيل شاكر، وقام باستدعائه إلى مكتبه وقال له: ألا يحلم برؤية الشمس أبدًا، وسيبقيه داخل السجن، وفي تلك الفترة أصدر رئيس البلاد بشار الأسد عفوًا عامًّا عن جميع المعتقلين السياسيين، فخرج بهذا العفو جميع من كان مع شاكر، وأصر رئيس الفرع على عدم إخلاء سبيله.

وبقي في فرع فلسطين ستة أشهر أخرى بعد انقضاء مدة حكمه، إلى أن تم تغيير رئيس الفرع قدرًا وحل محله اللواء آصف شوكت، الذي قام بتوقيع إخلاء سبيل شاكر وجميع من بقي من المعتقلين السياسيين كبادرة حسن نية منه في بداية استلامه رئاسة المخابرات العسكرية.

وتم إخلاء سبيله في فبراير من عام 2005.

وقاد العبسي معارك مخيم نهر البارد بتاريخ 20 أيار/مايو 2007 ، في
أشهر معارك لبنان منذ نهاية الحرب الأهلية .

تمكن العبسي من الانسحاب من داخل حصار مخيم نهر البارد خلال عملية معقدة، وبغطاء من الانتحاريين في 2 أيلول – سبتمبر 2007 والوصول الى سوريا بعد مطاردات واسعة.

تعرض العبسي و اثنان من مرافقيه لكمين نصب لهم من المخابرات السورية، و ذلك في شهر يوليو عام 2008، و أسفر ذلك عن اصابة شاكر العبسي في إحدى الشقق في بلدة المليحة في ريف دمشق بعد وصول العبسي للاجتماع مع اثنين من أعضاء التنظيم السعوديين، ولم تعلن السلطات السورية حتى الان عن أي معلومات عن مصير شاكر العبسي.

تبقى قصة اختفاء شاكر العبسي، ومفقودي فتح الإسلام، إحدى القصص الأكثر غموضًا. حيث يسود الاعتقاد على نطاق واسع أن شاكر العبسي اعتقل أولا، ومن ثم قتل، إما تحت التعذيب، أو أُعدم، ودفن بسرية تامة بأمر من آصف شوكت نفسه.

كما تظل فرضية إعدامه قائمة؛ حيث لا يمكن التشكيك بعملية اعتقاله، بعد تأكيدات من مرافقة (مازن نزال) وشهود عيان من المنطقة.

اسم الكتاب: فتح الإسلام – النشأة والمصير

المؤلف: مدين ديرية

فريق الإعداد

تينا لوزيوا  ومارا جيني